مملكة موريطنية كانت مملكة قديمة تقع في شمال إفريقيا، شملت أجزاء من الجزائرالحالية والمغرب الأقصى. تأسست هذه المملكة في حدود القرن الثاني قبل الميلاد، وكانت مشهورة بتنوعها الثقافي وموقعها الاستراتيجي، الذي جعلها محط أنظار الإمبراطوريات الكبرى، مثل الرومان. شهدت مملكة موريطنية العديد من الأحداث التاريخية الهامة التي شكلت تاريخ المنطقة.
أصل التسمية مملكة موريطنية
يرجع أول ذكر لاسم موريطنية إلى الجغرافيين الإغريق الذين استخدموه للإشارة إلى المناطق البعيدة عن أراضيهم في شمال إفريقيا. وقد ذكر "سترابو"، الجغرافي اليوناني، أن موريطنية كانت مملكة مزدهرة. الرومان أيضًا استخدموا الاسم للإشارة إلى المملكة التي أسسها "بوكوس الأول" وأبناؤه بعد الاستيلاء على المنطقة في القرن الأول الميلادي. بعض المؤرخين يعتقدون أن اسم "موريطنية" قد يكون مشتقًا من الكلمة الأمازيغية "أمور"، التي تعني الأرض أو الوطن.أشارت بعض المصادر القديمة إلى وجود قبيلة تُعرف باسم "موري" (Mauri) في منطقة الملوية بشمال المغرب، ويعتقد الباحثون أن هذه القبيلة قد تكون هي النواة الأولى التي قامت عليها مملكة موريطنية.
اقتباسً:
المؤرخ الروماني (سترابو) عن مملكة موريطنية والذي كتب عن شعوب شمال إفريقيا في مؤلفه "الجغرافيا":تاريخ التأسيس مملكة موريطنية
يرتبط تاريخ مملكة موريطنية بنشوء علاقاتها مع الإمبراطورية الرومانية في القرن الثاني قبل الميلاد. في البداية، لم يكن الملك "باكا" يمارس سلطته على الأراضي التي تشمل المغرب الاقصى والجزائر الغربية، بل كان يحكم مجتمعات قبلية كانت تحت سلطته.
عهد الملك أطلس الموريطاني
يعتبر الملك أطلس الموريطاني من الشخصيات الأسطورية في تاريخ مملكة موريطنية. فقد ارتبط اسمه بعلم الجغرافيا والفلك، وكان له دور كبير في اختراع الكرة السماوية التي حملت اسمه "أطلس". وقد تكريم اسمه من قبل الجغرافيين مثل جيراردوس ميركاتور الذي سمى كتابه الشهير بالخرائط "أطلس" تيمنا به.
عهد الملك باكا
الملك باكا كان من بين الملوك الموريطانيين الذين ساعدوا ماسينيسا، ملك نوميديا، في صراعاته ضد روما. وعلى الرغم من أن روما لم تكن تعرف الكثير عن هذا الملك في ذلك الوقت، إلا أن مواقفه التاريخية جعلت منه شخصية مهمة في صراع القوى في شمال إفريقيا في القرن الثاني قبل الميلاد.
عهد الملك بوكوس الأول
الملك بوكوس الأول، الذي حكم مملكة موريطنية في القرن الثاني قبل الميلاد، كان واحدًا من أبرز الملوك في تاريخ المملكة. تحت حكمه، توسعت مملكة موريطنية بشكل كبير، حيث امتدت أراضيها على حساب مملكة نوميديا المجاورة. وقد خاض معركة حاسمة ضد الرومان في تحالفه مع الملك يوغرطة ضد الامبراطورية الرومانية، لكنه في النهاية وقع في فخ الخيانة من جانب يوغرطة.
التحالف الموريطاني النوميدي
عُرف الملك بوكوس الأول بتحالفه مع يوغرطة ملك نوميديا ضد الرومان. هذا التحالف شكل تهديدًا حقيقيًا للرومان، لكن سرعان ما خيانة يوغرطة لهذا التحالف أدت إلى انضمام بوكوس الأول إلى الرومان، مما أدى إلى توسع الأراضي الموريطانية لتشمل مناطق واسعة في شمال إفريقيا.
عهد الملك جوبا الثاني
بعد هزيمة والده، يوبا الأول، الذي كان ملك نوميديا، أُسر جوبا الثاني من قبل الرومان وأُخذ إلى روما. هناك، تلقى تربية علمية وعسكرية، وفي نهاية المطاف، أعاده الإمبراطور أغسطس ليحكم مملكة موريطنية. أصبح جوبا الثاني ملكًا محبوبًا حيث شهدت مملكته فترة من الاستقرار والازدهار الثقافي تحت حكمه.
نهاية مملكة موريطنية
سقطت مملكة موريطنية في 40 ميلادي، بعد اغتيال الملك بطليموس على يد الإمبراطور كاليغولا. بعد الثورة التي قادها أتباع بطليموس، قرر الرومان تقسيم موريطنية إلى مقاطعتين: موريطانيا الطنجية (شمال المغرب) وموريطانيا القيصرية (شمال الجزائرالحالية ).
الألهة والمعبودات المورية
من حيث المعتقدات الدينية، تأثر الموريطانيون بالعديد من الأديان والثقافات المختلفة مثل الفينيقية والرومانية. كما كانت هناك عبادة لآلهة أمازيغية تقليدية، من بينها بوسيدون الذي كان يُعتبر إله البحر، وغايا التي كانت ربة الأرض، إضافة إلى التأثيرات الفرعونية والإغريقية التي شكلت مزيجًا ثقافيًا فريدًا في مملكة موريطنية.
عاصمة مملكة موريطنية
كانت مملكة موريطنية تشمل عدة مراكز حضرية مهمة في فترات مختلفة من تاريخها. إحدى أبرز هذه المدن كانت طنجيس (طنجة الحالية)، التي أصبحت لاحقًا عاصمة موريطانيا الطنجية بعد تقسيم المملكة من قبل الرومان. كما تشير المصادر التاريخية إلى أن ملوك موريطنية، مثل بوكوس الأول، استخدموا عدة مدن كمراكز حكم متحركة، من بينها "وليلي" وتمودة، ولكن العاصمة الثابتة والأكثر أهمية هي "طينجيس"، التي مثلت مركزًا سياسيًا وتجاريًا بارزًا في المملكة بفضل موقعها الاستراتيجي قرب مضيق جبل طارق.
الملك | الفترة الزمنية | الأحداث الرئيسية |
---|---|---|
أطلس الموريطاني | القرن السادس قبل الميلاد | يُعتبر ملكًا أسطوريًا وكان له دور في اختراع الكرة الأرضية. |
باكا | 206 قبل الميلاد | دعم ماسينيسا ملك نوميديا وقدم له 4000 فارس لمساعدته ضد صيفاقس، وكان الحليف الرئيس في حرب يوغرطة ضد الرومان. |
بوكوس الأول | 148 قبل الميلاد – 105 قبل الميلاد | توسعت مملكته على حساب نوميديا، وكان له دور بارز في حرب يوغرطة ضد الرومان. |
بوكوس الثاني | 49 قبل الميلاد – 33 قبل الميلاد | حكم المملكة الموريطانية بالتوازي مع شقيقه بوغود، ثم حكم بمفرده بعد هزيمة شقيقه. |
جوبا الثاني | 23 قبل الميلاد - 23 ميلادي | حكم الموريطانية بعد انضمامه للإمبراطورية الرومانية، وعرف عهده بالاستقرار والتنمية. |
بطليموس | 23 ميلادي – 40 ميلادي | اغتاله كاليغولا، مما أدى إلى ثورة في موريطانيا قادها أيدمون. |
خريطة مملكة موريطنية:
شرح المصطلحات:
- الموريطانيون: هم السكان الأصليون لمملكة موريطنية الذين كانوا ينتمون إلى الشعوب الأمازيغية وكانوا يمارسون الرعي ويمتلكون ثقافة غنية بالتقاليد المحلية.
- التحالف الموريطاني النوميدي: هو تحالف بين مملكة موريطنية ومملكة نوميديا بقيادة الملك يوغرطة في مواجهة الرومان.
- بوكوس الأول: هو ملك موريطانية الذي شهد توسع حدود المملكة في فترة حكمه، حيث ضم أراضٍ من نوميديا.
- بوكوس الثاني: هو الملك الذي حكم المملكة بعد أخيه بوغود، وكان حليفًا للإمبراطور الروماني أغسطس.
- جوبا الثاني: هو الملك الذي جلبته الإمبراطورية الرومانية للعرش بعد هزيمة والده، وحقق استقرارًا سياسيًا واقتصاديًا في مملكته.
- بطليموس: هو آخر ملك موريطاني قبل تقسيم المملكة إلى مقاطعات رومانية، حيث اغتاله الإمبراطور كاليغولا مما أدى إلى سقوط المملكة.
الخاتمة
مملكة موريطنية كانت واحدة من أهم الممالك في شمال إفريقيا، وتاريخها يشهد على قوة وذكاء حكامها في مواجهة التحديات الخارجية. من خلال توسعاتها العسكرية وتحالفاتها الاستراتيجية مع القوى الكبرى مثل روما، تركت الموريطنية إرثًا غنيًا في تاريخ المنطقة، ما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من تاريخ شمال إفريقيا.